علاج واعد ضد «كوفيد 19» على أبواب التجارب السريرية

20 مارس 2021 - 10:13 ص

كشف فريق من الأطباء وعلماء الفيروسات في الولايات المتحدة وهونغ كونغ عما وصفه خبراء في منظمة الصحة العالمية بأنه «نتائج واعدة جداً» حول استخدام عقار «كولفازيمين» لعلاج المصابين بـ«كوفيد 19»، أسفرت عنها دراسة حديثة تنشرها مجلة Nature في عددها الأخير الذي يصدر الاثنين المقبل

وكان الفريق المذكور الذي يضم 14 اختصاصياً قد باشر بحوثه منذ سبعة أشهر على أكثر من 12 ألف عقار، تستخدم حالياً لعلاج أمراض أخرى، سعياً إلى إيجاد علاج ناجع ضد فيروس كورونا المستجد، إلى أن تبين مؤخراً أن هذا العقار «له مفعول قوي جداً ضد (كوفيد 19)»، كما جاء في استنتاجات الدراسة التي وصلت إلى منظمة الصحة، حيث ستخضع لمراجعة النظراء المستقلة تمهيداً لاعتمادها

وأفاد ناطق بلسان الفريق الذي أشرف على هذه البحوث بأن النتائج هي ثمرة تجارب مخبرية على خلايا بشرية وحيوانات محقونة بفيروس كورونا المستجد، وأن النتائج جاءت مشجعة جداً بحيث تقررت المباشرة قريباً بتجربة العقار على أشخاص مصابين بالوباء. ويقول خبير العلوم المناعية سوميت شاندا، وهو مدير معهد سانفورد بورنهام للبحوث الطبية في الولايات المتحدة المتخصص في تطوير أدوية لعلاج الأمراض السارية والمزمنة، إن «عقار كولفازيمين هو اليوم المرشح المثالي لعلاج الإصابة بـ(كوفيد 19)، فهو آمن، تكلفته ضئيلة وسهلٌ تصنيعه، ويمكن تناوله عن طريق الفم وتوزيعه على نطاق عالمي بسهولة»

ويستفاد من نتائج الدراسة أن هذا العقار يخفف بنسبة كبيرة كمية الفيروسات الموجودة في الجهاز التنفسي، ويوفر حماية من الالتهاب ويمنع العوارض الخطرة التي تظهر على الأشخاص الذين يصابون بـ«كوفيد 19»، بفعل الاستجابة المفرطة لجهاز المناعة

ويضيف شاندا: «نريد أن نبدأ تجارب المرحلة الثانية لهذا الدواء على المصابين بفيروس كورونا الذين لم يخضعوا بعد للعلاج في المستشفى»، مشيراً إلى أن الدراسة أظهرت كذلك فاعلية شفائية مرتفعة في حال تناول «كولفازيمين» مع عقار «ريمديسيفير». وتفيد مصادر منظمة الصحة العالمية بأن أول من استخدم عقار «كولفازيمين» كان خبير الجراثيم الآيرلندي فيسنت باري عام 1954 لعلاج داء السل، لكنه فشل في تحقيق النتائج التي كان يتوخاها بشفاء مرضى السل الناجم عن الإصابة بالجرثومة. لكن في ستينيات القرن الماضي بدأت تظهر أولى النتائج عن فاعلية هذا الدواء في علاج مرض الجذام (البَرَص) الناجم أيضاً عن إصابة جرثومية، وأوصت منظمة الصحة بتعميم استخدامه بعد أن تعذر علاج المرض بالأدوية الأساسية، ومنذ ذلك الوقت لم تسجل إصابة واحدة بالجذام قاومت العلاج بهذا الدواء. وفي العام 1980 قررت منظمة اليونيسكو منح جائزة العلوم لفريق باري الذي كان قد وافته المنية قبل ذلك بخمس سنوات

ويقول خبراء منظمة الصحة إن تكلفة هذا الدواء الموجود بوفرة لا تزيد على دولارين، وأن مفعوله كمضاد حيوي ومانع للالتهابات معروف ومجرب على نطاق واسع. ويستفاد أيضاً من نتائج الدراسة أن «كولفازيمين» يحارب الفيروس على جبهتين: يمنع دخوله إلى الخلايا للانقضاض عليها، وإذا كان قد تمكن من الدخول إليها يمنع تكاثره عن طريق الاستنساخ الذاتي

وكان بعض أعضاء الفريق من هونغ كونغ قد باشروا منذ أسابيع بتجربة هذا العقار سريرياً على مصابين يعالجون في المستشفى، لمعرفة فاعليته إلى جانب عقار «اينترفيرون» الذي يستخدم لعلاج التصلب في الشرايين، والذي أظهر بعض الفاعلية كمضاد فيروسي في علاج مصابين بـ«كوفيد 19». ويقول اختصاصي الأمراض السارية هنري بلانشار من جامعة جنيف إن فاعلية «كولفازيمين» ضد الجذام سببها أن هذا المرض، الذي ينشأ عن الإصابة بجرثومة، يؤدي إلى التهابات هي التي تسبب عوارض التشويه في الوجه والأطراف التي نعرفها. ويضيف: «من المرجح أن تكون فاعلية هذا العقار ضد الالتهابات هي التي تلعب دوراً أساسياً في منع ظهور العوارض الخطرة على الحيوانات المخبرية التي أجريت عليها تجارب هذه الدراسة»

ومن النتائج الأخرى التي أسفرت عنها التجارب على هذا الدواء أنه يمنع تطور الفيروس التاجي MERS الذي ظهر في العام 2012، ورُصدت إصابات به في 21 بلداً، حيث أوقع 939 ضحية، وفقاً لبيانات المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، كما يمنع تطور ثلاثة أنواع أخرى من الفيروسات التاجية المسببة للزكام العادي. ويقول كواك – يونغ يوان، أستاذ الأمراض السارية في جامعة هونغ كونغ وأحد المشرفين على هذه الدراسة، إن هذا العقار مرشح ليكون سلاحاً فاعلاً في مواجهة جائحات أخرى في المستقبل، ويضيف أن «النتائج التي توصلنا إليها حتى الآن تنصح بالتفكير في إقامة احتياط من هذا الدواء لاستخدامه بسرعة في حال ظهور فيروس كوروني سريع السريان في المستقبل»

وتجدر الإشارة إلى أن منظمة الصحة العالمية هي التي تشرف على توزيع هذا العقار الذي يدخل في التوليفة العلاجية للمصابين بالجذام، والذي كانت شركة «نوفارتيس» المالكة لبراءته قد تنازلت عنها لصالح المنظمة الدولية. ويذكر أنه تسجل سنوياً أكثر من 600 ألف إصابة بمرض الجذام، معظمها في البرازيل ومدغشقر والهند وموزمبيق ونيبال، وأن منظمة الصحة تتوقع القضاء نهائياً على هذا المرض قبل نهاية هذا العقد بفضل دواء «كولفازيمين» والأدوية المرافقة له